في بدايات الطريق، لم يكن في الحسبان إلا شغف دفين بالكلمة، ودهشة قديمة من وقع الحكاية حين تُروى بصوتٍ صادق. ومنذ ذلك الحين، لم نكفّ عن الإصغاء للنصوص، لا لنقرأها فحسب، بل لننصت لما تخفيه بين السطور. سنوات مرّت، تقاطع فيها الزمن مع التجربة، فتحوّلت الكتب إلى رفاق درب، والمشاريع الصوتية إلى لحظات تُحفر في الذاكرة.لم نكن ننشد الكثرة، رغم أن الإنتاج اتّسع، بل كنّا نبحث دائمًا عن ذلك الأثر الذي يتركه العمل في القلب: رواية تسكنك أيامًا، سطرٌ يجعلك تعيد التفكير في الحياة، أو صوتٌ يحملك إلى زمنٍ لم تعشه، لكنه يُشبهك على نحوٍ ما.
من عبق الحكايات الشعبية، إلى صرامة الفلسفة، ومن نبرة القصص التراثية، إلى وضوح كتب التنمية الذاتية، نسجنا مكتبة صوتية تتنفس بلغتنا، وتنبض بروح المستمع العربي أينما كان. لكل عمل حكاية، ولكل تسجيل نية خفية أن نصل به إلى من يحتاجه، حتى قبل أن يعلم أنه يحتاجه.
وهأنذا، في هذا المعرض الكريم، نفتح صفحات من ذاكرة الصوت، نعرضها على من يعشقون الكلمة مثلنا. لا نزعم أننا بلغنا الكمال، لكننا مشينا الطريق بما يكفي لنعرف أن أجمل ما في الرحلة ليس نهايتها، بل في الخطوة القادمة التي لم نخطُها بعد.